وسط تصاعد التوترات الإقليمية وعودة مشاهد القتال إلى الساحة السورية، توجه وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق حاملاً رسالة دعم كامل من إيران للحكومة والجيش السوريين. التصريح الإيراني يأتي في وقت حساس للغاية، حيث سيطرت الحركات المسلحة، وعلى رأسها جبهة تحرير الشام، بشكل مفاجئ على مدينة حلب وتقدمت باتجاه حمص، وهو ما أثار عشرات التساؤلات حول من يقف وراء إعادة إشعال هذا الصراع.
عودة القتال بعد سنوات من الهدوء
التحركات الأخيرة للمجموعات المسلحة جاءت بعد سنوات من الجمود النسبي في خطوط المواجهة داخل سوريا.
هذه العودة المفاجئة للقتال تزامنت مع انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان،
وفتحت باب التساؤلات حول الترابط بين الأحداث، وهل هناك جهات تسعى لإعادة ترتيب الأوراق الإقليمية عبر إشعال الجبهة السورية؟
دور إيران في دعم الأسد منذ الثورة السورية
لم تكن هذه المرة الأولى التي تجد فيها طهران نفسها في موقع الداعم الأساسي لنظام بشار الأسد. منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، التي بدأت سلمية قبل أن تتحول إلى نزاع مسلح، كانت إيران واحدة من أهم القوى التي تدخلت لحماية النظام السوري. عبر قوات الحرس الثوري الإيراني وميليشيات متعددة الجنسيات، تمكنت إيران من منع سقوط دمشق في لحظات حرجة كانت فيها قوات المعارضة على وشك السيطرة.
إلى جانب ذلك، لعب حزب الله دوراً محورياً في دعم الجيش السوري، حيث ساهمت قواته في استعادة مناطق استراتيجية من قبضة المعارضة المسلحة. هذا التدخل الثلاثي (إيران، حزب الله، والجيش السوري) قلب موازين القوى وأدى إلى تثبيت نظام الأسد، على الرغم من الكلفة البشرية والمادية الباهظة التي تكبدتها الأطراف الداعمة.
هل تعيد طهران السيناريو؟
اليوم، مع إعلان وزير الخارجية الإيراني عن "رسالة دعم كامل" إلى سوريا، تُثار تساؤلات حول نوايا إيران في ظل عودة العنف. فهل ستكرر طهران تدخلها العسكري المباشر عبر الحرس الثوري؟ وهل ستدفع حلفاءها مثل حزب الله لتعزيز الموقف السوري ضد الحركات المسلحة التي استعادت نشاطها فجأة؟
الصراع مع إسرائيل كعامل مؤثر
التوتر بين إيران وإسرائيل، الذي اتخذ منحى تصاعدياً في السنوات الأخيرة، يضيف بُعداً آخر للصورة. إسرائيل، التي تسعى لضرب الأمن والاستقرار في المنطقة بحسب تصريحات وزير الخارجية الإيراني، قد تكون أحد المحركات غير المباشرة لإعادة إشعال الجبهة السورية كوسيلة لإضعاف حلفاء طهران في المنطقة.
رسائل طهران إلى دمشق والعالم
تصريحات وزير الخارجية الإيراني وتحركاته الأخيرة نحو دمشق تحمل أكثر من مجرد دعم رمزي. إنها رسالة إلى جميع الأطراف بأن إيران ما زالت تعتبر سوريا ركيزة أساسية في محور المقاومة، وأنها مستعدة للوقوف مع الأسد كما فعلت سابقاً. ومع استمرار الحرب بالوكالة بين طهران وتل أبيب، يبقى السؤال: هل ستكرر إيران تدخلها العسكري المباشر في سوريا، أم أنها ستكتفي هذه المرة بالدعم السياسي واللوجستي؟
الأيام القادمة ستكشف الإجابة، ولكن ما يبدو واضحاً هو أن الساحة السورية عادت لتكون ساحة صراع إقليمي مفتوح لا تنتهي فصوله.